الغَيمُ وقشَعَتْهُ الريح وأنزفت البئر: ذهب ماؤها ونزفناها نحن. وأنسل ريش الطائر ونَسَلتُهُ أنا. وأكبَّ فلان على وجهه وكببته أنا. وفي القرآن:{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى} ١؟. وقال عزَّ اسمه:{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} ٢.
[الفصل التاسع والثلاثون: مجمل في الحذف والاختصار.]
من سنن العرب: أن تحذف الألف من "ما" إذا استَفْهَمَتْ بها فتقول: بِمَ؟ ولِمَ؟ ومِمَّ؟ وعلامَ؟ وفيمَ؟ قال تعالى:{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} ٣؟ وكما قال عزّ وجلّ:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ*عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} ٤: أي عن ما؟ فأدغم النون في الميم. ومن الحذف للاختصار قول الله تعالى:{يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} ٥ أي السر وأخفى منه فحذف وقوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} ٦ أي أمرة واحدة أو مرَّة واحدة. ومن الحذف قوله: لم أُبَلْ. ولم أُبالِ. وقولهم: لم أكُ ولم أكُنْ. وفي كتاب الله عز وجل:{وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} ٧. ومن ذلك ما تقدَّم ذكره من قوله جل جلاله:{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} ٨ وقوله: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} ٩ وقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} ١٠ فحذف النَّفس والشمس والأرض إيجازا واقتصارا. ومن ذلك حذف حرف النداء كقولهم: زيدُ تعال. وعمرو اذهب أي يا زيد ويا عمرو. وفي القرآن:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} ١١ أي يا يوسف. ومن ذلك حذف أواخر الأسماء المفردة المعرفة في النداء دون غيره كقولهم: يا حارُِ يا مالُِ ويا صاحُِ أي يا حارث ويا مالك ويا صاحبي ويقال لهذا الحذف: الترخيم وفي بعض القراآت الشاذّة: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ}[الزخرف: ٧٧] ١٢ وقال امرؤ القيس: [من الطويل]
١ سورة الملك الآية: ٢٢. ٢ سورة النمل الآية: ٩٠. ٣ سورة النازعات: الآية ٤٣. ٤ سورة النبأ: الآية ١، ٢. ٥ سورة طه الآية: ٧. ٦ سورة القمر الآية: ٥٠. ٧ سورة مريم الآية: ٩. ٨ سورة القيامة: الآية ٢٦. ٩ سورة صّ الآية: ٣٢. ١٠ سورة الرحمن: الآية ٢٦. ١١ سورة يوسف الآية: ٢٩. ١٢ وتمام الآية {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: ٧٧]