من سنن العرب الإتيان بذلك كما قال تعالى:{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} ١ وإنما أراد المسجد الحرام وقال عزّ وجلّ: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} ٢ وكان القاتل واحدا.
[الفصل الثامن عشر: في أمر الواحد بلفظ أمر اثنين.]
تقول العرب: افعلا كذا والمخاطب واحد كما قال الله عزّ وجلّ: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} ٣ وهو خطاب لمالك خازن النار. وكما قال الأعشى:[من الطويل]
ويقال: إنه أراد والله فاعبُدَنّ فقلب النون الخفيفة ألفا. وكذلك في قوله عزّوجلّ:{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} ٤.
الفصل التاسع عشر: في الفعل يأتي بلفظ الماضي وهو مستقبل وبلفظ المستقبل وهو ماض.
قال الله تعالى:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} ٥: أي يأتي. وقال جل ذكره:{فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} ٦ أي لم يصدّق ولم يصلّ. وقال عزّ مِن قائل في ذكر الماضي بلفظ المستقبل:{فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ} ٧ أي لِمَ قَتَلتُم؟ وقال تعالى:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} ٨ أي ما تلت. وقد تأتي كان بلفظ الماضي ومعنى المستقبل كما قَالَ الشّاعِر:[من الطويل]
فَأدْرَكْتُ مَنْ كانَ قَبلي ولَم أدَع ... لِمن كان بَعدي في القصائد مصنعا.
١ سورة التوبة الآية: ١٧. ٢ سورة البقرة الآية: ٧٢. ٣ سورة قّ الآية: ٢٤. ٤ سورة قّ الآية: ٢٤. ٥ سورة النحل الآية: ١. ٦ سورة القيامة: ٣١. ٧ سورة البقرة الآية: ٩١. ٨ سورة البقرة الآية: ١٠٢.