[الفصل الثالث والعشرون: في إقامة الإسم والمصدر مقام الفاعل والمفعول.]
تقول العرب: رجل عَدْل: أي عادل ورِضاً: أي مَرْضِي وبنو فلان لنا سَلْم: أي مسالمون وحَرْب: أي محاربون. وفي القرآن: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} ١ وتقديره: ولكن البِرَّ بِرُّ من آمنَ بالله فأضمر ذكر البر وحذفه.
[الفصل الرابع والعشرون: في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر في الجمع.]
هو من سنن العرب قال تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} ٢ وقال: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} ٣.
[الفصل الخامس والعشرون: في حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر.]
من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ وحمله على معناه كما يقولون: ثلاثةُ أنفس والنفس مؤنثة وإنما حملوه على معنى الإنسان أو معنى الشّخص. قال الشاعر: [من الطويل]
ما عندنا إلا ثلاثة أنفسِ ... مِثلُ النُّجومِ تلألأتُ في الحِندِسِ.
وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: [من المتقارب]
فكان مِجَنِّي دون ما كنتُ أتَّقي ... ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعْصِرُ٤.
فحمل ذلك على أنهن نساء. وقال الأعشى: [من الطويل]
لِقومٍ وكانوا هُمُ المُنْفِدِينَ ... شَرَبَهُمُ قَبْلَ تَنْفادِها.
فأنَّث الشراب لما كان الخمر المعني وهي مؤنثة كما ذكر الكفّ وهي مؤنثة في قوله: [من الطويل]
أرى رجلا منهم أسيفاً كأنَّما ... يَضُمُّ إلى كَشْحيه كفَّاً مُخَضَّبا.
فحمل الكلام على العضو وهو مذكر. وكما قال الآخر: [من البسيط]
يا أيها الرَّاكب المُزجي مَطِّيته ... سائلْبني أسدٍ ما هذهِ الصَّوتُ.
١ سورة البقرة الآية: ١٧٧.
٢ سورة يوسف الآية: ٣٠.
٣ سورة الحجرات الآية: ١٤.
٤ المعصر الفتاة التي بلغت سن الشباب.