فقال: يا دار ميَّة ثم قال: أقْوَتْ وكما قال الله عزّ وجلّ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} ١ فقال: كنتم في الفلك ثم قال: بهم وكما قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٢ فرجع من الكناية إلى المخاطبة كما رجع في الآية المُتقدمة من المخاطبة.
الفصل الثالث عشرة: في الجمع بين شيئين اثنين ثم ذكر أحدهما في الكناية
دون الآخر والمراد به كلامهما معا.
من سنن العرب أن تقول: رأيت عمراً وزيداً وسلّمت عليه أي عليهما. قال الله عزّ وجلّ:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ٣ وتقدير الكلام: ولا ينفقونهما في سبيل الله وقال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} ٤ وتقديره: انفضوا إليهما. وقال جلّ جلاله:{وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} ٥ والمراد: أن يرضوهما.
[الفصل الرابع عشر: في جمع شيئين من اثنين.]
من سنن العرب إذا ذكَرَتِ اثنين أن تُجريهما مجرى الجمع كما تقول عند ذكر العُمَرَين٦ والحَسَنين٧: كَرَّمَ الله وجوههما وكما قال عزّ ذكره: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ٨ ولم يقل: قلباكما وكما قال عزّ وجلّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٩ ولم يقل يديهما.
[الفصل الخامس عشر: في جمع الفعل عند تقدمه على الإسم.]
رُبما تفعل العرب ذلك لأنه الأصل فتقول: جاؤوني بنو فلان وأكلوني البراغيث وقال الشاعر:
١ سورة يونس الآية: ٢٢. ٢ سورة الفاتحة: الآيات ٢، ٥. ٣ سورة التوبة الآية: ٣٤. ٤ سورة الجمعة الآية: ١١. ٥هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. ٦ هما الحسن والحسين رضي الله عنهما. ٧ سورة التوبة الآية: ٦٢. ٨ سورة التحريم الآية: ٤. ٩ سورة المائدة الآية: ٣٨.