على ضمّر قود كأن رؤوسها … علوا على هام الرجال قصور
رحلن بنا من ماردين وقد بدا … من الصبح مثل الوجه منك منير
فما واجهتنا الشمس حتى أحلنا … سميساط من شط الفرات عبور
ولما أتت رعبان أفرخ رعبنا … وهنّ بنا عن تل باشر زور
إلى حلب أو رثت كرسي ملكها … وقد أصبحت شوقا إليك تمور
فلم نسقها نشجا (١) … إلى أن رعت حمى
حماة ونيران الشهاب تنير
يعني شهاب الدين الحارمي (٢).
فأصبحن بالعاصي يردن زلاله … وأمسين في حمص لهن نفور
تيممن بالركبان جنة جلق … ونحن إلى الملك المعظم صور
إليك صلاح الدين سارت ركائبي … ولولاك لم يعل الركائب كور
فدونك بنت الفكر عذراء دونها … أجارة بيتينا أبوك غيور
وان ابن هانئ دون ناظم درها … بصير بنظم الدر وهو ضرير
قال: ومطلع القصيدة الأخرى من نظمه:
أهدت إلى الصب أنفاس الصبا وصبا … فحن شوقا إلى عصر الصبا وصبا
وعاده في نسيم الريح رائحة … للغور رائحة هاجت له طربا
فغاض من صبره ما فاض تسلية … وفاض من دمعه ما غاض وانسكبا
وكاد يقضي لذكر الجزع من جزع … أيام لم يقض من أحبابه أربا
إذ شام برقا ذكا بالشام حين خبا … أبدى من الوجد ما كان الضمير خبا
(١١٣ - و)
وفي كثيب الحمى لو أنه كثب … لعاشق شعب شمل بات منشعبا
سقى الحيا عهد ذاك الحي إن له … عندي عهود هوى لم أنسها حقبا
سقى الحيا عهد ذاك الحي إن له … عندي عهود هوى لم أنسها حقبا
أيام أشرب كاس الحب تثملني … عشقا ألثم من كاس اللها الحببا (٣)
(١) -النشج مجرى الماء.
(٢) -خال صلاح الدين وواليه على حماة.
(٣) -الفقاقيع التي تطفو.