غمض الجديد بصاحبيك فغمضا … وبقيت بعدهما تحاول منهضا
وكأنّ قلبك عند كل مصيبة … عظم تكرر كسره فتهيضا
وأخ فجعت به فأذكره أخ … يمضي فتذكرك الحوادث ما مضى
فاشرب على بعد الأحبّة آنفا … حزن المنية ظاعنين وخفّضا
ولقد جريت مع الصبى طلق الصبى … ثم ارعويت فلم أجد لي مركضا
وعلمت ما علم امرؤ من دهره … فأطعت عاذلتي وأعطيت الرضا
وصحوت من سكري وبتّ موكلا … أرعى الحمامة والغزال الأبيضا
ولربّ سارية تجود بمائها … وكذاك لو صدق الربيع لروّضا
ومنيعة المرقا بذلت لها الهوى … إما مكافأه وإما مقرضا
أيام يسحرني الكتاب إذا أتى … وأظل منها بالحديث ممرّضا
باعدتها لتزيدني من ودها … فأبت فكنت من الإباء محرضا
وتخوفت هجري وليس بكائن … فشكت إلى الجيران شكوى مرمضا (١)
حتى إذا شربت مياه مودّتي … وشربت برد شرابها متبرضا (٢)
قالت لاختيها اذهبا فتجسسا … ما باله ترك السلام وأعرضا
(١٨٤ - و)
قد ذقت ألفته وذقت فراقه … فوجدت ذا عسلا وذا جمر الغضا
ويلي عليه وويلتي من بينه … كان الذي قد كان حلما فانقضى
سبحان من خلق الشقاء الذي الهوى … ما كان إلاّ كالخضاب قد انقضى (٣)
[أبو الليث الخراساني]
كان من العبّاد بطرسوس، لقيه إبراهيم بن مخلد الواسطي بطرسوس، وحكي عنه.
أخبرنا أبو الفضل مرجّا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي-بحلب-
(١) الرمض: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره. القاموس.
(٢) برض الماء: خرج وهو قليل. القاموس.
(٣) ديوان بشار-ط. القاهرة ٤/ ٩١:١٩٦٦ - ٩٤. وقد تشوه النص المطبوع لما ألم به من تصحيفات.