يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً: الزحف: الدنو قليلا قليلا، وأصله الاندفاع على الألية، ثم سمى كل ماش في الحرب إلى آخر زاحفا.
والتزاحف: التداني والتقارب. تقول زحف إلى العدو زحفا، وازدحف القوم: أي مشى بعضهم إلى بعض.
وانتصاب زحفا، إما على أنه مصدر لفعل محذوف، أي: يزحفون زحفا، أو على أنه حال من المؤمنين، أي: حال كونكم زاحفين إلى الكفار، أو حال من الذين كفروا، أي حال كون الكفار زاحفين إليكم، أو حال من الفريقين، أي: متزاحفين.
فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) : نهى الله المؤمنين أن ينهزموا عن الكفار إذا لقوهم، وقد دب بعضهم إلى بعض للقتال. وظاهر هذه الآية العموم لكل المؤمنين في كل زمن، وعلى كل حال إلا حالة: التحرف والتحيز.
وقد روي عن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي [نضرة]«١» .
وعكرمة ونافع والحسن وقتادة و [يزيد]«٢» بن أبي حبيب والضحاك: أن تحريم الفرار من الزحف في هذه الآية مختص بيوم بدر، وأن أهل بدر لم يكن لهم أن ينحازوا
(الناسخ والمنسوخ ٢/ ٢٢٥، ٢٢٦) . (١) وقع في المخطوط (نصر) وهو خطأ، والتصويب من فتح القدير (٢/ ٢٩٣) . وأبو نضرة هو المنذر بن قطعة العبدي ثقة من رجال البخاري ومسلم. (٢) وقع في «المطبوعة» زيد وهو خطأ، والتصويب من جامع الطبري (١٥٨١١) ، وهو أبو جابر المصري أخرج له الستة في كتبهم وهو من الثقات.