وقيل: المراد منفردين أو مجتمعين وقيل: نشاطا وغير نشاط، وقيل: فقراء وأغنياء، وقيل: مقلين من السلاح ومكثرين منه، وقيل: أصحاء ومرضى، وقيل: شبابا وشيوخا، وقيل: رجالا وفرسانا، وقيل: من لا عيال له ومن له عيال، وقيل: من سبق إلى الحرب كالطلائع ومن يتأخر كالجيش، وقيل: غير ذلك. ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني لأن معنى الآية: انفروا خفّت عليكم الحركة أو ثقلت.
ويكون إخراج الأعمى والأعرج بقوله: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ [النور: ٦١] ، وإخراج المريض والضعيف بقوله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى [التوبة: ٩١] ، من باب التخصيص لا من باب النسخ على فرض دخول هؤلاء تحت قوله: خِفافاً وَثِقالًا، والظاهر عدم دخولهم تحت العموم.
وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الأمر بالجهاد بالأموال والأنفس، وإيجابه على العباد: فالفقراء يجاهدون بأنفسهم، والأغنياء بأموالهم وأنفسهم، والجهاد من آكد الفرائض وأعظمها، وهو فرض كفاية مهما كان البعض يقوم بجهاد العدو
(١) قال القاضي ابن العربي: «قال بعضهم: قال ابن عباس رضي الله عنهما: نسخها قوله تعالى وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً وهذا في قوله إِلَّا تَنْفِرُوا لا يحسن نسخه، لأنه خبر عن الوعيد، والمعنى: إذا احتيج إليهم نفروا كلهم، فهي محكمة. (الناسخ والمنسوخ ٢/ ٢٤٨، ٢٤٩) . فائدة: في قوله خِفافاً وَثِقالًا ذكر له أهل التفسير أكثر من عشرة أقوال وانظر: الفراء (١/ ٤٣٩) ، وابن قتيبة (١٨٧) ، والطبري (١٠/ ٩٧) ، والنكت (٢/ ١٣٩) ، والزاد (٣/ ٤٤٢) .