كأنه قال: لا يحب الله إلا من ظلم: أي لا يحب الظالم، بل يحب المظلوم.
والظاهر من الآية: أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه، ويؤيده الحديث الثابت في «الصحيح» بلفظ: «ليّ الواجد ظلم، يحل عرضه وعقوبته»«١» .
وأما على القراءة الثانية، فالاستثناء منقطع، أي إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول، في معنى النهي عن فعله، والتوبيخ له.
وقال قوم: معنى الكلام لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول، لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك، وهذا شأن كثير من الظلمة فإنهم- مع ظلمهم- يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه، وينالون من عرضه.
وقال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى، إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه «٢» .
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ: قد تقدم الكلام في الكلالة.
(١) حديث صحيح: رواه أبو داود (٣٦٢٨) ، والنسائي (٧/ ٣١٦، ٣١٧) ، وابن ماجة وأحمد (٤/ ٢٢٢، ٣٨٨، ٣٨٩) ، والحاكم (٤/ ١٠٢) ، والطبراني (٧٢٤٩) ، (٧٢٥٠) ، وابن حبان (١١/ ٤٨٦) (٥٠٨٩) ، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. ورواه البخاري معلقا (٥/ ٦٢) ، وقال الحافظ: وصله أحمد وإسحاق في «مسنديهما» وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن الشريد بن أوس الثقفي عن أبيه بلفظه، وإسناده حسن، وذكر الطبراني: «أنه لا يروى إلا بهذا الإسناد» . (٢) لحديث أبي بكر الصحيح الذي رواه أبو داود (٤٣٣٨) ، والترمذي (٢١٦٨، ٣٠٥٧) ، وابن ماجة (٤٠٠٥) ، وأحمد (١، ١٦، ٢٩، ٣٠، ٥٣) عن أبي بكر مرفوعا. وسيأتي تخريجه عند تفسير آية (١٠٥) من المائدة.