أُمِّهِ فَنَاجَى رَبَّهُ طَوِيلاً، ثُمَّ إنَّهُ بَكَى فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ، وَبَكَى هؤُلاَءِ لِبُكَائِهِ، وَقَالُوا: مَا بَكَى نَبِي الله - صلى الله عليه وسلم - بِهذَا الْمَكَانِ إلاَّ وَقَدْ حَدَثَ في أُمَّتِهِ شَيْءٌ (١) لاَ تُطِيقُهُ، فَلَمَّا بَكَى هؤُلاَءِ، قَامَ فَرَجعَ إلَيْهِمْ.
فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكُمْ؟ ".
قَالُوا: يَا نَبيَّ الله، بَكَيْنَا لِبُكائِكَ. قُلْنَا: لَعَلَّهُ حَدَثَ في أُمَّتِكَ شَيْءٌ (١) لاَ تُطِيقُهُ؟.
قَالَ: "لا، وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُ، وَلكِنْ نَزَلْتُ عَلَى قَبْرِ أُمِّي (٢) فَدَعَوْتُ الله أَنْ يَأْذَنَ لِي في شَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَبَى الله أَنْ يَأْذَنَ لِي، فَرَحِمْتُهَا، وَهِيَ أُمِّي، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ جَاءَنِي جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: ١١٤] فَتَبَرَّأْ مِنْ أُمِّكَ كَمَا تَبَرَّأَ إبْرَاهِيمُ مِنْ أَبِيه، فَرَحِمْتُهَا وَهِي أُمِّي، فَدَعُوْتُ رَبِّي أَنْ يَرْفَعَ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعاً (٣)، فَرَفَعَ عَنْهُمْ اثْنَتَيْنِ [وَأَبَى أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمْ اثْنَتَيْنِ] (٤): دَعَوْتُ رَبِّي أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْغَرَقَ مِنَ الأرْضِ، وَأَنْ لاَ يُلْبِسَهُمْ شيعَاً، وَأَنْ لاَ يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، فَرَفَعَ عَنْهُمْ الرَّجْمَ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْغَرَقَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَبَى الله أَنْ تُرْفَعَ عَنْهُمُ اثْنَتَانِ: الْقَتْلُ، وَالْهَرْجُ".
(١) في جميع الأصول: "شيئاً" ولكنها صوت على هامش (ظ).(٢) لفظ "أمي" ساقط من (ش).(٣) في جميع أصولنا: "أربع".(٤) ما بين حاصرتين ساقط من (ش).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute