(( {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ} : ما يتكلم من شيء إلا كتب عليه. وقال ابن عباس: يكتب الخير والشر)) .
قال الله – تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {١٦} إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ {١٧} مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (١) . قال ابن كثير:: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} يعني: الملائكة، أقرب إلى الإنسان، من حبل وريده، ومن تأوله على العلم؛ فإنما فر لئلا يلزم حلول، أو اتحاد، وهما منفيان بالإجماع، تعالى الله وتقدس، ولكن اللفظ لا يقتضيه، فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد، وإنما قال: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، كما قال في المحتضر:{وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِنكُم وَلَكِن لاَّ تُبصِرُونَ} ، يعني: ملائكته، وكما قال:{إِنَّا نَحنُ نَزَّلْنَا الذِكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فالملائكة نزلت بالذكر، وهو القرآن، بإذن الله – عز وجل – وكذلك الملائكة، أقرب إلى الإنسان من حبل وريده، بإقدار الله لهم على ذلك.
{إِذ يَتَلَقَّى المُتَلَقّيَانِ} يعني: الملكين، اللذين يكتبان عمل الإنسان.
{عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِمَالِ قَعِيدُ} أي: واحد عن يمينه، والآخر عن شماله، مترصد لما يقوله أو يفعله.
{مَّا يَلفِظُ} أي: ابن آدم {مِن قَولٍ} أي: ما يتكلم بكلمة، {إِلاَّ لَدَيهِ رَقِيبُ عَتِيدُ} إلا ولها من يراقبها، معتد لذلك فيكتبها، ولا يترك له كلمة، ولا حركة إلا كتبها)) (٢) .
وقول ابن عباس، يفيد أنهما لا يكتبان إلا لحسنات والسيئات، وظاهر
(١) الآيات من ١٦-١٨ من سورة ق. (٢) ((تفسير ابن كثير)) (٧/٣٧٦) .