أراد البخاري بهذا الباب؟ إثبات صفة الوجه لله -تعالى- وهو ثابت لله -تعالى- في آيات وأحاديث كثيرة، سيأتي ذكر شيء منها.
قال ابن كثير:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} إخبار بأنه الدائم الباقي، الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت، كما قال:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ {٢٦} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} فعبر بالوجه عن الذات، وهكذا قوله ها هنا:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} أي: إلا إياه" (٢) .
قلت: قوله: " فعبر بالوجه عن الذات" لا يقصد نفي صفة الوجه عن الله -تعالى-، وإنما مراده: أن الذات تابعة للوجه، فاكتفى بذلك.
وقد ذكر البخاري - رحمه الله - هذه الآية في التفسير، وأعقبها بقوله:" إلا ملكه، ويقال: إلا: ما أريد به وجهه"(٣) . ولم يذكر غير هذا، فقد يقال: إن هذا تأويل سلك البخاري فيه طريق أهل التأويل، وليس الأمر كذلك.
قال الحافظ: " في رواية النسفي (٤) : وقال معمر ... فذكره، ومعمر هذا هو أبو عبيدة {معمر} بن المثنى، وهذا كلامه في مجاز القرآن، لكنه بلفظ:
(١) الآية ٨٨ من سورة القصص. (٢) "تفسير ابن كثير " (٦/٢٧٢) . (٣) انظر: " الفتح " (٨/٥٠٥) . (٤) النسفي من رواة الصحيح عن البخاري.