الخبز، واللحم، وهذا النوع من الطعام هو أعلى ما يمكن في زمنه -صلى الله عليه وسلم-.
قوله:" تقول: إن الله أنكحني في السماء".
هو كقولها السابق:" وزوجني الله من فوق سبع سماوات "، وكثير ما تأتي "في" بمعنى "على" أي: إن زواجي صدر من الله -تعالى- حيث أمر رسوله به، وتولى عقد نكاحها عليه، والله في السماء.
فإما أن تكون "في" بمعنى على، أو يراد بالسماء العلو، وكلاهما صحيح مستقيم جاءت به النصوص، قال -تعالى-: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا}(١) وقال -تعالى-: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء}(٢) .
ولما كان مستقراً في نفوس المخاطبين أن الله -تعالى- هو العلي الأعلى، وأنه فوق كل شيء، كان المفهوم من قوله:" أنه في السماء" أنه في العلو، وأنه فوق كل شيء ولهذا قالت:" من فوق سبع سماوات ".
وكذلك الجارية، لما قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم-: " أين الله؟ قالت: في السماء"(٣) إنما أرادت: العلو، وإذا قيل: العلو، فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها، فما فوقها كلها هو في السماء، ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط به، إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله -تعالى-.
وكذلك إذا قيل: العرش في السماء، فإنه لا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق، وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك، وكان المراد أنه عليها، كما قال:{فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ}(٤) ، وقال:{وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}(٥) ، وقال:{فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ}(٦) ، ويقال: فلان في الجبل، وفي
(١) جزء من الآية ١٥ من سورة الحج. (٢) رواه مسلم وغيره. (٣) رواه مسلم وغيره. (٤) الآية ٢ من سورة براءة. (٥) جزء من الآية ٧١ من سورة طه. (٦) الآية ١٣٧ من سورة آل عمران.