قال أبو الفتح:"تُعَزِّرُوه"، أي: تمنعوه، أو تمنعوا دينه وشريعته، فهو كقوله "تعالى": {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ٢} ، أي: إن تنصروا دينه وشريعته، فهو على حذف المضاف.
وأما "تُعَزِّرُوه"، بالتشديد فتمنعوا منه بالسيف، فيما ذكر الكلبي. وعزرت فلانا، أي: فخمت أمره. قالوا: ومنه عزرة: اسم الرجل، ومنه عندي قولهم: التعزير، للضرب دون الحد، وذلك أنه لم يبلغ به ذل الحد الكامل وكأنه محاسنة له ومباقة فيه.
قال أبو حاتم قرأ:"تُعَزِّزوه"، بزايين - اليمامي٣، أي: يجعلوه عزيزا.
ومن ذلك قراءة تمام بن عباس بن عبد المطلب:"إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ٤".
قال أبو الفتح: هو على حذف المفعول؛ لدلالة ما قبله عليه، فكأنه قال: إن الذين يبايعونك إنما يبايعونك لله، فحذف المفعول الثاني؛ لقربه من الأول، وأنه أيضا بلفظه وعلى وضعه. وهذا المعنى وهو راجع على معنى القراءة العامة:{إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} ، أي: إنما يفعلون ذلك لله، إلا أنها أفخم معنى من قوله:"لله"، أي: إنما المعاملة في ذلك معه، فهو أعلى لها وأرجح بها.
١ سورة الفتح: ٩. ٢ سورة محمد: ٢. ٣ ذكر السمعاني في الأنساب: ٣٠٦ جماعة من المحدثين ينسب كل منهم إلى اليمامة، ويلقب باليمامي. ٤ سورة الفتح: ١٠.