يريد ما جرى من رغوة لبنها في القيعات١، وهو كثير كقولهم: أرض قِفارٌ ومُحُول وسباسِبُ٢، مما بُولغ فيه بذكر الجمع.
ومن ذلك قراءة طلحة بن مُصّرِّف:"سَنَاءُ بَرْقِهِ"٣.
قال أبو الفتح: السناء، ممدودا: الشرف، يقال: رجل ظاهر النبل والسناء. والسنى مقصورا: الضوء. وعليه قراءة الكافة:{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} ، أي: ضوء برقه. وأما "سناء برقه" فقد يجوز أن يكون أراد المبالغة في قوة ضوئه وصفائه، فأطلق عليه لفظ الشرف. كقولك: هذا ضوء كريم، أي: هو غاية في قوته وإنارته، فلو كان إنسانا لكان كريما شريفًا٤ [١١٣ظ]
ومن ذلك قراءة أبي جعفر يزيد:"يُذْهِبُ"٥، بضم الياء.
قال أبو الفتح: الباء زائدة، أي يذهِبُ الأبصار. ومثله في زيادة الباء في نحو هذا قوله:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ٦، وقول الهذلي:
أي: شربن ماء البحر، وإن كان قد قيل: إن الباء هنا بمعنى في، أي: في لجج البحر.
١ في ك: بالقيعات. ٢ جمع سبسب، وهو الأرض المستوية. ٣ سورة النور: ٤٣. ٤ في ك: شريفا كريما. ٥ سورة النور: ٤٣. ٦ سورة البقرة: ١٩٥. ٧ البيت لأبي كبير. وروي "تروت" مكان "شربن"، و"تنصبت" مكان "ترفعت"، و"على حبشيات" مكان "متى لجج خضر"، وتنصبت: ارتفعت. وحبشيات: أراد بها سحائب سودا. ومتى: من، في لغة هذيل. وضمير "شربن" للحناتم في قوله: سقى أم عمرو كل آخر ليلة ... حناتم سودا ماؤهن ثجيج والحناتم: الجرار الخضر في الأصل، يشبه بها السحائب والواحد حنتم. وثجيج: سائل. وانظر ديوان الهذليين: ١: ٥١، والخزانة:: ٣: ١٩٣، ١٩٤، واللسان "ثجج، حنتم"، ومغني اللبيب: ٢: ٢٠.