وقالت عائشة رضي الله عنها أول سورة نزلت من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}(١).
وروي عن مجاهد (٢): (أن أوَّل ما نزل من القرآن، {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (٣)[القلم: ١].
قال القاضي أبو بكر الباقلاني (٤) " وقد اختلف الصَّحابة ومَن بعدهم في أوَّل ما نزل من القرآن وآخره، ورُوِيَت في ذلك روايات كلُّها محتملة التأويل، فقال قوم منهم: أول شيء أُنزل: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر: ١]. وقال آخرون أول ما أُنزل:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[سورة العلق: ١] وقال قوم أول ما أُنزل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: ١] إلى آخر فاتحة الكتاب ...
ثم قال: فأما من قال: إنَّ أوَّل سورة أنزلت الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فإنهم يروون ذلك من طريق إسرائيل بن إسحاق (٥) عن أبي ميسرة قال: .. وساق الحديث فقال: وهذا الخبر منقطعٌ غيرُ متَّصل السند، لأنه موقوف
على أبى ميسرة، وأثبتت الأقاويل من خلاف الصَّحابة قولَ من قال: إنَّ أول ما أُنزل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} وما يليه في القوة قول جابر، ومن قال: أول ذلك {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر: ١](٦).
(١) رواه عنها الحاكم في المستدرك على الصحيحين ح ٣٩٥٤، ٢/ ٥٧٦ وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (٢) مجاهد: مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المخزومي، مولاهم المكي، إمام في التفسير والعلم، توفي سنة (١٠١ هـ) وقيل: بعدها بسنة، وقيل: بسنتين، وقيل: بثلاث. ينظر: تذكرة الحفاظ (١/ ٩٢)، التقريب (٦٤٨١). (٣) رواه عنه أبو عبيد في فضائل القرآن ٢/ ١٩٩. (٤) أبو بكر الباقلاني: محمد بن الطيب بن محمد، أبو بكر البصري ثم البغدادي، أحد كبار المتكلمين، صاحب التصانيف، توفي سنة (٤٠٣ هـ). ينظر: السير (١٧/ ١٩٠). (٥) إسرائيل بن أبي إسحاق: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي: الهمداني، أبو يوسف الكوفي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، توفي سنة (١٦٠ هـ) وقيل بعدها. ينظر: السير (٧/ ٣٥٥)، التقريب (٤٠١). (٦) الانتصار ١/ ٢٣٩/ ٢٤١