قال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ... [التغابن: ٢].
[٩٥](إن الله سبحانه خلق الخلق ثم كفروا وآمنو، قالوا وتمام الكلام عند قوله {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ} ثم وصفهم {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} وهو مثل قوله {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ}[النور: ٤٥] الآية قالوا: فالله خلقهم والمشي فعلهم، وهذا اختيار الحسين بن الفضل).
الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٣٢٦ (٢)
[الدراسة]
قال ابن عباس:"إن الله خلق بني آدم مؤمناً وكافراً، ثم يعيدهم يوم القيامة كما خلقهم مؤمناً وكافراً"(٣)، وهناك ما يعضد هذا القول فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الغلام الذي قتله ـ الخضر عليه السلام ـ طُبِعَ كافراً)(٤).
وقال تعالى {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}[نوح: ٢٧].
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(وَكّل الله بالرحم ملكاً فيقول: أي ربِّ نطفهٌ، أي ربِّ علقة، أي ربِّ مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال: ايْ ربِّ ذكرٌ أم أنثى؟ أشقيٌّ أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيُكتب كذلك في بطن أمه)(٥).
وقال جماعة: معنى الآية: إن الله خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا؛ لأن الله تعالى ذكر الخلق وتمَّ الكلام، ثم وصفهم بفعلهم، فقال:{فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} كما قال الله عزَّ وجلَّ {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} ... [النور: ٤٥] والله خلقهم والمشيُ فِعلهم، ثم اختلفوا في تأويلها:
(١) وافقه القرطبي في تفسيره ١٨/ ١١٩ والشنقيطي في الأضواء ٨/ ٣٣٣. (٢) ت: ابن عاشور. (٣) رواه الطبري في تفسيره. (٤) أخرجه مسلم عن أُبي بن كعب في كتاب (القدر) ح: ٦٧٦٦ ص: ١١٥٩. (٥) أخرجه البخاري في أول كتاب (القدر) ح: ٦٥٩٥ ص: ١١٤٠ و مسلم في كتاب (القدر) ... ح: ٦٧٣٠ ص: ١١٥٣.