مَحْمُولٌ على الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ أوَّل الحَدِيثِ. ويُسْتَحَبُّ أن يَسْتَفْتِحَ الخُطْبَةَ بالتَّكْبِيرِ، كَخُطْبَةِ العِيدِ، ويُكْثِرَ من الاسْتِغْفارِ والصَّلَاةِ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويَقْرَأ كَثِيرًا: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (٣) وسائِر الآياتِ التي فيها الأمْرُ به، فإنَّ اللَّه تعالى وَعَدَهم بإرْسالِ الغَيْثِ إذا اسْتَغْفَرُوهُ. وَرُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه خَرَجَ يَسْتَسْقِى، فلم يَزِدْ على الاسْتِغْفارِ، وقال: لقد اسْتَسْقَيْتُ بمَجَادِيح السَّمَاءِ (٤). وعن عمرَ بن عبدِ العزِيزِ، أنَّه كَتَبَ إلى مَيْمُون بن مِهْرَانَ يقولُ: قد كَتَبْتُ إلى البُلْدَانِ أن يَخْرُجُوا إلى الاسْتِسْقاءِ إلى مَوْضِعِ كذا وكذا، وأَمَرْتُهُمْ بالصَّدَقَةِ والصَلَاةِ، قال اللهُ تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (٥). وأمَرْتُهم أن يَقُولُوا كما قال أبوهم آدَمُ:{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(٦). ويقولُوا كما قال نُوحٌ:{وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(٧). ويقولُوا كما قال يُونُس:{فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}(٨). ويقولوا كما قال موسى:{رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(٩). ولأنَّ المَعَاصِىَ سَبَبُ انْقِطَاعِ الغَيْثِ، والاسْتِغْفارُ والتَّوْبَةُ تَمْحُو المعاصِىَ المانِعة مِنَ الغَيْثِ، فيَأْتِى اللهُ
(٣) سورة نوح ١٠، ١١. ولم ترد الآية ١١ في: أ، م. (٤) مجاديح السماء: أنواؤها. وأخرجه البيهقي، في: باب ما يستحب من كثرة الاستغفار في خطبة الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. السنن الكبرى ٣/ ٣٥١. وعبد الرزاق، في: باب الاستغفار، من كتاب الصلاة. المصنف ٣/ ٨٧. (٥) سورة الأعلى ١٤، ١٥. (٦) سورة الأعراف ٢٣. (٧) سورة هود ٤٧. (٨) سورة الأنبياء ٨٧. (٩) سورة القصص ١٦. وأخرجه عبد الرزاق، في: باب الاستسقاء، من كتاب الصلاة. المصنف ٣/ ٨٧، ٨٨.