{الْغَيْبِ}[٣] كاف على القراءتين (١)؛ لأنَّ ما بعده يصلح استئنافًا وحالًا، أي: يعلم الغيب غير عازب.
{وَلَا أَكْبَرُ}[٣] حسن عند بعضهم، سواء رفع عطفًا على «مثقال»، أو جر عطفًا على «ذرة» و «أصغر» و «أكبر» لا ينصرفان للوصف، ووزن الفعل والاستثناء منقطع؛ لأنَّه لو جعل متصلًا بالكلام الأول فسد المعنى؛ لأنَّ الاستثناء من النفي إثبات، وإذا كان كذلك: وجب أن لا يعزب عن الله مثقال ذرة وأصغر وأكبر منهما إلا في الحالة التي استثناها، وهي: إلا في كتاب مبين، وهذا فاسد، والصحيح: أنَّ الابتداء بـ «إلَّا»، بتقدير: الواو، نحو: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأ، فـ «إلَّا»؛ بمعنى: الواو، إذ لا يجوز للمؤمن قتل المؤمن عمدًا ولا خطأ، وقرأ الكسائي:«يعزِب» بكسر الزاي هنا وفي يونس، والباقون: بضمها (٢)؛ وهما لغتان في مضارع:(عزب)، ويقال للغائب عن أهله:(عازب)، وفي الحديث:«من قرأ القرآن في أربعين يومًا؛ فقد عزب»(٣)، أي: بعد عهده بالختمة، أي: أبطأ في تلاوته، والمعنى: وما يبعد، أو ما يخفى وما يغيب عن ربك، و «من مثقال» فاعل، و «من» زائدة فيه، و «مثقال» اسم (لا)(٤).
{فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٣)} [٣] تام، واللام في «ليجزي» لام القسم، أي: ليجزين، وليس بوقف لمن جعلها متعلقة بقوله:«لتأتينكم»، أي: لتأتينكم ليجزي، وعليه فلا يوقف على «لتأتينكم» سواء قرئ: «عالم» بالرفع، أو بالخفض (٥).
{كَرِيمٌ (٤)} [٤] تام، ومثله:«أليم» سواء قرئ: بالرفع نعتًا لـ «عذاب»، وهي قراءة ابن كثير وحفص، أو بالجر وهي قراءة الباقين نعت لـ «رجز»(٦).
{هُوَ الْحَقَّ}[٦] حسن على استئناف ما بعده؛ لأنَّ جميع القراء يقرؤن:«ويهديْ» بإسكان الياء، فلو كان معطوفًا على «ليجزي» لكانت الياء مفتوحة، وليس بوقف إن جعل «ويهدي» معمول،
(١) وهما المشار إليهما سابقًا في «عالم». (٢) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٣٥٧)، الإعراب للنحاس (٢/ ٣٥٣)، التيسير (ص: ١٢٢)، تفسير الطبري (١٤/ ٢٦٠)، السبعة (ص: ٥٢٦)، الغيث للصفاقسي (ص: ٣٢٦)، النشر (٢/ ٢٨٥). (٣) لم أستدل عليه. (٤) انظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٣٤٩)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (٥) وهي المشار إليها سابقًا. (٦) وجه من قرأ برفع الميم هنا وفي حم الجاثية [الآية: ١١]؛ أنه نعت لـ «عذاب». وقرأ الباقون: بخفض الميم فيهما نعتا لـ «رجز»، وهو: العذاب السيئ. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٣٥٧)، الإعراب للنحاس (٢/ ٦٥٦)، البحر المحيط (٧/ ٢٥٩)، التيسير (ص: ١٨٠)، المعاني للفراء (٢/ ٣٥١)، النشر (٢/ ٣٤٩).