{كَافِرُونَ (١٢٥)} [١٢٥] تام، على قراءة من قرأ:«أو لا ترون» بالتاء الفوقية، يعنى به: المؤمنين؛ لأنَّه استئناف وإخبار، ومن قرأ بالتحتية لم يقف على «كافرون»(١)؛ لأنَّ ما بعده راجع إلى الكفار، وهو متعلق به، وأيضًا فإنَّ الواو واو عطف دخلت عليها همزة الاستفهام.
{أَوْ مَرَّتَيْنِ}[١٢٦] كاف، وكذا «ولا هم يذكرون»، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن عطف على ما قبله، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
{ثُمَّ انْصَرَفُوا}[١٢٧] حسن، وقال الفراء: كاف؛ لأنَّ المعنى عنده: وإذا ما أنزلت سورة فيها ذكر المنافقين وعيبهم -قال بعضهم لبعض: هل يراكم من أحد إن قمتم، فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد (٢).
{صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[١٢٧] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده متصل بالصرف إن جعل خبرًا، وإن جعل دعاء عليهم جاز.
{لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)} [١٢٧] تام.
{مِنْ أَنْفُسِكُمْ}[١٢٨] كاف، وقرئ:«من أنفَسكم» بفتح الفاء (٣)، أي: من أشرفكم، من النفاسة، وقيل: الوقف على «عزيز»؛ لأنَّه صفة «رسول»، وفيه تقديم غير الوصف الصريح، وهو من أنفسكم؛ لأنه جملة على الوصف الصريح، وهو عزيز؛ لأنَّه مفرد، ومنه:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ}[الأنعام: ٩٢] فـ «أنزلناه» جملة، و «مبارك» مفرد، ومنه:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: ٥٤]، وهي غير صريحة؛ لأنها جملة مؤولة بمفرد، وقوله:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[٥٤] صفتان صريحتان؛ لأنَّهما مفردتان كما تقدم، وقد يجاب بأنَّ «من أنفسكم» متعلق بـ «جاءكم»، وجوَّز الحوفي أن يكون «عزيز» مبتدأ، و «ما عنتم» خبره، والأرجح أنَّه صفة «رسول»؛ لقوله بعد ذلك:«حريص»، فلم يجعله خبرًا لغيره، وادعاء كونه خبر مبتدأ محذوف لا حاجة إليه؛ فقوله:«حريص عليكم» خطاب
(١) قرأ حمزة، ويعقوب: {أَوَلا يَرَوْنَ} [١٢٦] بالتاء ووجهه؛ أن الخطاب للمؤمنين على جهة التعجب. وقرأ الباقون: بياء الغيب رجوعًا على الذين في قلوبهم مرض. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٢٤٦)، النشر (٢/ ٢٨١). (٢) انظر: تفسير الطبري (١٤/ ٥٨٢)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (٣) وهي قراءة محبوب وعبد الله بن قسيط ويعقوب، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٢٤٦)، البحر المحيط (٥/ ١١٨)، تفسير القرطبي (٨/ ٣٠١)، الكشاف (٢/ ٢٢٣)، المحتسب لابن جني (١/ ٣٠٦).