إلا أن أرى غير ذلك"، وعزمُك على ضربه. (١) قال: فكذلك قال: (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) ، ولا يشاؤه، [وهو أعلم] . (٢)
قال: والقول الآخر: أنّ العرب إذا استثنت شيئًا كثيرًا مع مثله، ومع ما هو أكثر منه، (٣) كان معنى "إلا " ومعنى "الواو" سواء. فمن كان قوله:(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض) = سوى ما شاء الله من زيادة الخلود، فيجعل "إلا" مكان "سوى" فيصلح، وكأنه قال: "خالدين فيها ما دامت السموات والأرض سوى ما زادهم من الخلود والأبد". ومثله في الكلام أن تقول: لي عليك ألف إلا ألفين اللذين [مِنْ قِبَل فلان"، أفلا ترى أنه في المعنى: لي عليك ألفٌ سِوَى الألفين] ؟ (٤) قال: وهذا أحبُّ الوجهين إليّ، لأنّ الله لا خُلْفَ لوعده. (٥) وقد وصل الاستثناء بقوله: (عطاء غير مجذوذ) ، فدلَّ على أن الاستثناء لهم بقوله في الخلود غير منقطعٍ عنهم.
* * *
وقال آخر منهم بنحو هذا القول. وقالوا: جائز فيه وجه ثالثٌ: وهو أن يكون استثنى من خلودهم في الجنة احتباسهم عنها ما بين الموت والبعث، وهو البرزخ، إلى أن يصيُروا إلى الجنة، ثم هو خلود الأبد. يقول: فلم يغيبوا عن الجنة إلا بقدر إقامتهم في البرْزَخ.
* * *
وقال آخر منهم: جائز أن يكون دوام السموات والأرض، بمعنى: الأبد، على ما تعرف العرب وتستعمل، وتستثنى المشيئة من داومها، لأنَّ أهل
(١) في معاني القرآن للفراء: " وعزيمتك على ضربه "، وهذا نص كلام الفراء. (٢) الزيادة بين القوسين من معاني القرآن للفراء. (٣) في المطبوعة والمخطوطة: " ومع ما هو أكثر منه "، والصواب من معاني القرآن: " أو مع. . ". (٤) كان في المطبوعة والمخطوطة: " إلا الألفين اللذين قبلهما "، وليس فيهما بقية ما أثبت، وهو كلام مبهم، نقلت سائره، وزدته بين القوسين من معاني القرآن للفراء، فهذا نص كلامه. (٥) في المطبوعة: " لا خلف لوعده "، وفي المخطوطة؛ " لا مخلف لوعده "، والصواب من معاني القرآن.