وقرأ ذلك بعض قراء أهل البصرة وبعض الكوفيين بإثبات الياء فيها في الوصل وحذفها في الوقف.
* * *
وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة بحذف الياء في الوصل والوقف:(يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ) .
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي: (يَوْمَ يَأْتِ) ، بحذف الياء في الوصل والوقف اتباعًا لخط المصحف، وأنها لغة معروفة لهذيل، تقول:"مَا أدْرِ مَا تَقول"، ومنه قول الشاعر:(١)
وقيل:(لا تكلم) ، وإنما هي "لا تتكلم"، فحذف إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها.
* * *
وقوله:(فمنهم شقيّ وسعيد) ، يقول: فمن هذه النفوس التي لا تكلم يوم القيامة إلا بإذن ربها، شقيٌّ وسعيد = وعاد على "النفس"، وهي في اللفظ واحدة، بذكر الجميع في قوله:(فمنهم شقي وسعيد) .
* * *
يقول: تعالى ذكره: (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير) = وهو أوّل نُهاق الحمار وشبهه = (وشهيق) ، وهو آخر نهيقه إذا ردده في الجوف عند فراغه من نُهاقه، كما قال رؤبة بن العجاج:
(١) لم أعرف قائله. (٢) معاني القرآن للفراء في تفسير الآية، اللسان (ليق) ، يقال: " ما يليق بكفه درهم " (بفتح الياء) أي: ما يحتبس = و " ما يلقيه القراء وهو "، أي: ما يحبسه. (٣) ديوانه: ١٠٦، واللسان (حشرج) ، وسيأتي في التفسير ٢٩، ٤ (بولاق) ، من طويلته المشهوره، يصف فيها حمار الوحش، وبعده: كَأَنَّهُ مُسْتَنْشِقٌ مِن الشَّرَقْ ... خُرًّا من الخَرْدَلِ مَكْرُوهَ النَّشَقْ و" حشرج " ردد الصوت في حلقه ولم يخرجه. و " السحيل "، الصوت الذي يدور في صدر الحمار في نهيقه.