خذي بيدي ثمَّ اكشفي الثوبَ فانظري ... ضنى جَسَدي لكِنَّني أتستَّرُ
وليس الذي يَجرِي من العين مَاؤُها ... ولكنَّها رُوحٌ (١) تذوبُ فَتَقْطُرُ
[٤٣ أ] قالت: والحاكمُ بينكما الذي يحكمُ بين الرُّوح والجسد إذا اختصما بين يديه، فإنَّ في الأثر المشهور (٢): «لا تزالُ الخصومةُ يوْمَ القيامةِ بينَ الخلائِق حتَّى يختصم الرُّوحُ والجسدُ، فيقولَ الجسدُ للرُّوحِ: أنتَ الذي حرَّكتَنِي، وَأمَرْتَني، وصرَّفْتَني، وإلا فأنَا لمْ أكُنْ أتحركُ، ولا أفعل بدونك. فتقول الرّوحُ له: وأنت الذي أكلت، وشرِبْتَ، وباشرْت، وتنَعَّمتَ، فأنتَ الذي تستحقُّ العقُوبة، فيُرْسِلُ الله سبحانه إليهما ملكًا يحكمُ بينهما، فيقولُ: مَثَلُكُما مَثَلُ مُقْعَدٍ بصيرٍ، وأعمَى يمشي، دخلا بستانًا، فقال المقعدُ للأعمى: أنا أرَى ما فيهِ من الثمارِ، ولكن لا أستطيعُ القيامَ. وقال الأعمى: أنا أستطيعُ القيام، ولكنْ لا أُبصِرُ شيئًا. فقال له المقعدُ: تعالَ فاحملني، فأنت تمشي، وأنا أتناوَلُ. فعلى من تكونُ العقوبةُ؟ فيقولُ: عليهما. قال: فكذلك أنتُما». وبالله التوفيق.
(١) ت: «نفس».(٢) أخرجه ابن مندة عن ابن عباس موقوفًا، كما في «شرح الصدور» للسيوطي (ص ٣٢٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute