إلى أن ظنُّوا أنَّ نظرهم عبادةٌ؛ لأنَّهم ينظرون إلى مظاهر (١) الجمال الإلهيِّ، ويزعمون أنَّ الله ـ سبحانه وتعالى عن قول إخوان النصارى ـ يظهر في تلك الصُّورة الجميلة، ويجعلونَ هذا طريقًا إلى الله، كما وقعَ فيه طوائفُ كثيرةٌ مِمَّن يدَّعي المعرفة والسُّلوك.
قال شيخنا (٢) رحمه الله تعالى: وكفرُ هؤلاء شرٌّ من كفر قوم لوط، وشرٌّ من كفر عُبَّاد الأصنام، فإنَّ أولئك لم يقولوا: إنَّ الله سبحانه يتجلَّى في تلك الصُّور، وعُبَّادُ الأصنام غايةُ ما قالوه:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر/٣]، وهؤلاء قالوا: نعبدُهم؛ لأنَّ الله ظهرَ في صُوَرهم.
وحكى لي شيخنا: أنَّ رجلًا من هؤلاء مرَّ به شابٌّ جميلٌ، فجعلَ يُتبعه بصرَه، فأنكرَ عليه جليسٌ له، وقال: لا يَصلُحُ هذا لمثلِكَ، فقال: إنِّي أرى فيه صفاتِ مَعبودي، وهو يظهر في [٤٧ ب] مظاهر جماله. فقال: لقد فعلتُ به وصنعتُ، فقال: وإن. قال شيخنا: فلعنَ الله أُمَّةً معبودُها مَوْطُوؤها.
قال (٣): وسُئل أفضلُ متأخريهم العفيفُ التِّلِمْسَانيُّ، فقيل له: إذا كان الوجودُ واحدًا؛ فما الفرقُ بين الأُختِ، والبنتِ، والأجنبيَّةِ حتى تحِلَّ هذه وتحرمَ هذه؟! فقال: الجميعُ عندنا سواء، ولكنْ هؤلاء