المزني رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السمت الحسن (١). والتؤدة، والاقتصاد (٢). جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة» (٣).
ومعلوم أن الأناة محبوبة عند الله عز وجل، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - للأشج:«فإن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة»(٤).
ثالثا: من صفات الداعية: رحمة المدعو والشفقة عليه: دل هذا الحديث على رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشفقته على المدعوين؛ ولهذا لم يدع على قبيلة دوس عندما طلب منه الدعاء عليهم، ولكن دعا لهم فقال:«اللهم اهد دوسا وائت بهم»؛ قال الكرماني رحمه الله:" فإن قلت هم طلبوا الدعاء عليهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لهم، قلت: هذا من كمال خلقه العظيم ورحمته بالعالمين "(٥). وقد قال الله - عز وجل - في حقه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧](٦). وهذا من كمال رحمته، ورأفته بأمته - صلى الله عليه وسلم - (٧).
رابعا: من صفات الداعية: الحرص على هداية الناس: ظهر في هذا الحديث حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على هداية الناس، ولهذا دعا لدوس ولم يدع عليهم حينما طلب منه ذلك؛ لحرصه على هدايتهم ودخولهم في الإسلام؛ قال العلامة العيني رحمه الله:" وفيه حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على من يسلم على يديه "(٨).
(١) السمت الحسن: حسن الهيئة والمنظر. انظر: فيض القدير للمناوي ٣/ ٢٧٧. (٢) الاقتصاد: التوسط في الأمور، والتحرز عن طرفي: الإفراط والتفريط. انظر: المرجع السابق ٣/ ٢٧٧. (٣) الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة، وحسنه، ٤/ ٣٦٦، برقم ٢٠١٠، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، ٢/ ١٩٥. (٤) أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله ورسوله، ١/ ١٨، برقم ١٧. (٥) شرح الكرماني على صحيح البخاري ١٢/ ١٨٤، ٢٢/ ١٧٩. (٦) سورة الأنبياء: ١٠٧. (٧) انظر: الحديث رقم ٥، الدرس الأول، ورقم ٥٠، الدرس الرابع، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ٢٠٨٠، وإرشاد الساري للقسطلاني، ٥/ ١١٠. (٨) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٨/ ٣٤.