{إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}[الكهف: ٢٤](١) وهذا يوضح للداعية أهمية هذا الأدب وأنه ينبغي له العمل به (٢).
ثالثا: عمل الأسباب لا ينافي التوكل: لا شك أن عمل الأسباب لا بد منه، ولكن لا بد مع الأسباب من اعتماد القلب على الله - عز وجل - قال ابن حجر رحمه الله:" وفي الحديث فضل فعل الخير وتعاطي أسبابه "(٣). وهذا سليمان - صلى الله عليه وسلم - يفعل ما أقسم عليه من طوافه على أهله، وهذا من أعظم الأسباب للحصول على الذرية، فينبغي للداعية إلى الله تعالى أن يأخذ بالأسباب ويعتمد قلبه على الله - عز وجل - وحده (٤).
رابعا: من أساليب الدعوة: القصص: القصص من القرآن الكريم، والحديث الصحيح من أهم أساليب الدعوة؛ لما له من التأثير في النفوس، وقد دل هذا الحديث على هذا الأسلوب، فقص علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة سليمان وما فيها من قدرة الله تعالى، فيحسن ويجمل للداعية أن يعتني بهذا الأسلوب عناية فائقة؛ لما له من الأهمية (٥).
خامسا: حرص السلف على الدقة في نقل الحديث: دل الحديث على عناية السلف الصالح عناية فائقة بنقل الحديث وتبليغه؛ وقد ثبت في هذا الحديث قول سليمان - صلى الله عليه وسلم -: «لأطوفن الليلة على مائة امرأة- أو تسع وتسعين» قال الإمام ابن أبي جمرة رحمه الله: " شَكّ من راوي الحديث في أيهما قال عليه السلام "(٦) وهذا يوضح للدعاة إلى الله - عز وجل - أهمية ضبط الحديث ونقله بدقة كما فعل السلف رحمهم الله (٧).
(١) سورة الكهف، الآيتان: (٢٣ - ٢٤). (٢) انظر: شرح مشكل الآثار، للإمام أحمد بن محمد الطحاوي ٥/ ١٨٣، وبهجة النفوس لابن أبي جمرة، ٣/ ١٠٦ - ١٠٨، وشرح الكرماني على صحيح البخاري ٢٣/ ١٠٠. (٣) فتح الباري، ٦/ ٤٦١. (٤) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس: الخامس. (٥) انظر: الحديث رقم ٢٨، الدرس: الثامن. (٦) بهجة النفوس، ٣/ ١٠٥. (٧) انظر: الحديث رقم ٢١، الدرس: العاشر، ورقم ٢٩، الدرس الثامن.