للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونوقش:

قال ابن القيم: "وهب أن هذا المال لم يملكه الآخذ، فملك صاحبه قد زال عنه بإعطائه لمن أخذه، وقد سلم له ما في قبالته من النفع، فكيف يقال ملكه باق عليه ويجب رده إليه، وهذا بخلاف أمره بالصدقة به، فإنه قد أخذه من وجه خبيث برضى صاحبه وبذله له بذلك، وصاحبه قد رضي بإخراجه عن ملكه بذلك، وأن لا يعود إليه، فكان أحق الوجوه به صرفه في المصلحة التي ينتفع بها من قبضه، ويخفف عنه الإثم، ولا يقوى الفاجر به ويعان ويجمع له بين الأمرين.

وهكذا توبة من اختلط ماله الحلال بالحرام، وتعذر عليه تمييزه أن يتصدق بقدر الحرام ويطيب باقي ماله، والله أعلم " (١).

قال ابن القيم: " المقبوض بالعقد الفاسد يجب فيه التراد من الجانبين، فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه، كما في عقود الربا، وهذا عند من يقول: المقبوض بالعقد الفاسد لا يملك، فأما إذا تلف المعوض عند القابض وتعذر رده، فلا يقضى له بالعوض الذي بذله، ويجمع له بين العوض والمعوض، فإن الزاني واللائط ومستمع الغناء والنوح قد بذلوا هذا المال عن طيب نفوسهم واستوفوا عوضه المحرم، وليس التحريم الذي فيه لحقهم، وإنما هو لحق الله، وقد فاتت هذه المنفعة بالقبض، والأصول تقتضي أنه إذا رد أحد العوضين يرد الآخر، فإذا تعذر على المستأجر رد المنفعة لم يرد عليه المال الذي بذله في استيفائها.

وأيضا فإن هذا الذي استوفيت منفعته عليه ضرر في أخذ منفعته وعوضها جميعا، بخلاف ما لو كان العوض خنزيرا أو ميتة، فإن ذلك لا ضرر عليه في


(١) نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>