ومن قرأ في "طبقات الشعراني"، وجد العجب العجاب! يترجم لأشخاص يصفهم بالولاية، ويحكي عنهم من مقارفة الموبقات، ما تقشعر له الأبدان، من اللواط، وإتيان البهائم، وشرب الخمور، ويزعم أن هذه أحوال خاصة، وأن لهم مع الله حال ليس كحال العامة، وأنه يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم، وأنهم تخطوا درجة التكليف، لأن الله تعالى يقول: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: ٩٩]، فهم قد بلغوا درجة اليقين، فحلت له المحرمات، وسقطت عنه الواجبات! هكذا تلاعب الشيطان في عقول هؤلاء المهووسين.
وتروج هذه الخرافات على أصحاب العقول البليدة، بسبب سدنة المشاهد والقبور، الذين يروجون للشرك ويأكلون أموال الناس بالباطل.
حدثني بعض الإخوة السودانيين، أن شركة صينية كانت تعمل في بلاد السودان، فمات أحد أفرادها، وكان بوذيًا، أو كنفوشيسيًا، فحزن عليه أصحابه، فدفنوه، وأقاموا على قبره قبة، وزوقوها بالزخارف، كعادة الصينيين في مقابرهم. ثم لم تلبث هذه الشركة بضع سنين، حتى نفذت المشروع، ورحلت إلى بلادها. يقول محدثي: فما هي إلا سنة أو سنتان، حتى صار العامة يقصدون هذا القبر، ويطوفون به، ويتبركون بتربته، ويدعونه من دون الله، ويسمونه مقام الشيخ الصيني! تحول هذا البوذي إلى ولي! وحُدِّثت أيضًا، عن قبر كان يزار في بلاد الجزائر، فنبش لسبب من الأسباب، فلم يجدوا فيه إلا عظام كلب! وهكذا يتلاعب الشيطان بهذه العقول، ويوردها المهالك، ويوقعها في الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله ﷿.