لما فني ذلك الجيل الأول، واندرس العلم، أتى الشيطان إلى من بعدهم، وقال: هؤلاء شفعاؤكم عند الله، هؤلاء يقربونكم إلى الله زلفى! فعبدوهم. هكذا نشأ الشرك في بني آدم.
وكان عمرو بن لحي الخزاعي، الذي قال عنه النبي ﷺ:(رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ)(٢)، أول من أدخل الشرك، وعبادة الأصنام، إلى العرب. وقد كان العرب على الحنيفية، ملة إبراهيم. روى الكلبي في كتاب الأصنام: أن عمر بن لحي كان له رِئي من الجن، فقال له: ايت ضف جدة، تجد أصنامًا معدَّة، فأوردها تهامة ولا تهب، وادع العرب إلى عبادتها تجب. فدله على موضع عند سِيف البحر فكشف عن هذه الأصنام، واستخرجها، ثم بثها في قبائل العرب، فكان عند كل قبيلة من قبائل العرب صنم من هذه الأصنام ثم إنه ذهب إلى بلقاء الشام، واستحضر هبل، وجعله في مكة (٣).
وليس المراد بكون أولئك الصالحين من قوم نوح، أنهم من معاصريه، وإنما المراد أنهم من أسلافهم، فلما هلكوا، جرى ما جرى من الشيطان، وتزيينه عبادتهم.
قوله: (وآخر الرسل محمد ﷺ: لابد من هذه العقيدة؛ عقيدة "ختم النبوة" فلا نبي بعد رسول الله ﷺ فآخر الرسل محمد ﷺ K كما دل على ذلك صريح القرآن، قال تعالى: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾
(١) أخرجه البخاري رقم (٤٩٢٠). (٢) أخرجه البخاري رقم (٤٦٢٣)، ومسلم رقم (٢٨٥٦). (٣) كتاب الأصنام للكلبي (ص ٥٤).