والمقصود أن الإنسان إذا لم تبلغه الحجة الرسالية فإنه معذور. وهذا الذي تدل عليه النصوص الشرعية، وهو الذي مشى عليه المؤلف وصرَّح به في بعض كتبه، ورسائله، وردوده على خصومه الذين يهيجون الناس ضده، ويشوهون دعوته، فقال ما نصه:(وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر، ويقاتل؟ سبحانك هذا بهتان عظيم!)(٢)
وهذا نص واضح الدلالة على مراد المؤلف؛ فإن المؤلف ﵀ يبرأ من أن يكفر هؤلاء الجهال الذين يطوفون بقبر عبد القادر، وقبر أحمد البدوي، التي عقدت عليها القباب، و شيدت لها المقامات، وأقيمت عندها الطقوس التي أحدثها سدنة الشرك، وعلماء السوء، وخدعوا بها العامة، ليأكلوا أموالهم بالباطل، فيصرِّح، ﵀ بأنه لا يكفر أولئك الجهال، بسبب جهلهم، وعدم من ينبههم، ويعجب ممن يرميه من خصومه بتكفير من لم يشرك بالله، إذا لم يهاجر إليه، أو يقاتل معه.
ويبقي النظر في توجيه هذه الجملة، في هذا السياق:
بعد التأمل، رأيت أن المؤلف ﵀: أراد بالجهل الذي لا يعذر
(١) أخرجه الحاكم رقم (٣٣٦٢)، والبيهقي رقم (١٧٣٥٠). (٢) الدرر السنية (١/ ١٠٤).