للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه، وقد يقولها وهو جاهل، فلا يعذر بالجهل، وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى الله تعالى، كما كان يظن الكفار، خصوصاً إن ألهمه الله ما قص عن قوم موسى مع صلاحهم، وعلمهم، أنهم أتوه قائلين: ﴿اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾، فحينئذٍ يعظم خوفه، وحرصه، على ما يخلصه من هذا وأمثاله).

قد يقول الإنسان كلمة بائرة، توبق دنياه وأخراه، فمن تكلم بكلمة الكفر مريدًا لمعناها، عارفًا بمقتضاها، فلا ريب أن هذا من الكفر؛ إذ الكفر نوعان: كفر اعتقادي، وكفر عملي. فقد يكفر الإنسان بالاعتقاد، وقد يكفر بالقول، وقد يكفر بالفعل. ولكن المؤلف في هذا الموضع، قال كلامًا فيه إجمال واشتباه: (وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل)! وهذا من المواضع المشكلة التي لا تتناسب في ظاهرها مع كلام المؤلف وتقريره، في كتبه الأخرى. وذلك أن ظاهر هذه الجملة يفيد أن المؤلف لا يعذر بالجهل، وأنه يكفِّر به. والمحفوظ عنه في مواضع أخر، أنه يعذر به. وقد جعل الشارع للتكفير شروطًا:

أحدها: العلم، المنافي للجهل: فلو كان جاهلا، بمعنى أنه لا يدري أن هذه الكلمة، أو أن هذا الفعل، يقتضي الكفر فإنه لا يؤاخذ به، لأن الله قد جعل الحجة الرسالية عذرًا لكل أحد. فالله تعالى لا يقبل من أحد حجةً إلا أن يقول: ما جاءني من بشير ولا نذير! فقطع الله

<<  <   >  >>