٤. رابعها: أن يعرف ما آل إليه حال الناس في الأزمان المتأخرة، من الجهل بمعنى التوحيد، والخلط بين معنى الإله ومعنى الرب، حتى صار كثير من الناس يظنون أن معنى لا إله إلا الله، أي لا خالق إلا الله. وقد بين المؤلف ﵀ هذه المسائل الأربع فيما تقدم.
فإذا تيقن الإنسان، وتحقق من هذه المعارف، أثمر له ذلك فائدتين:
١) أحداهما: الفرح بفضل الله ورحمته: فإن ثمرة العلم الفرح، والسرور، والبهجة، لأن القلب لا يزال مضطربًا، قلقًا، حتى يصل إلى برد اليقين، وانثلاج الصدور، فحينئذ يسر، ويستبشر. فمن عرف حقيقة التوحيد، وحكمة الخلق، ووظيفته في هذه الدنيا، وعرف قبح الشرك، وشؤمه في الدنيا والآخرة، فإنه ينال سعادة عظيمة، ويرى أن الله ﷾ استنقذه، واصطفاه، وصرف عنه شرًا مستطيرًا:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة … وإلا فإني لا إخالك ناجيا
٢) الفائدة الثانية: الخوف من أن تزل به قدم، فيقع في هذه الورطة العظيمة، التي هي الشرك بالله ﷿. ولا مانع من اجتماع هذين الأمرين الذين يبدوان متقابلين؛ فرح، وخوف، فكما يجتمع في قلب المؤمن الخوف والرجاء، كذلك يجتمع في قلبه الفرح والخوف؛ الفرح بفضل الله ورحمته على الهدى، والتوفيق، والعلم، والخوف من أن يزيغ بعد إذ هداه الله ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨].