وكشف هذه الشبهة التي يلبسون بها على العامة أن (لا إله إلا الله)، التي تعصم الدم والمال، ما اقتضت توحيد الله حقًا وصدقًا، وأنه لو قالها بلسانه، ولم يأت بمقتضاها فإنها لا تفيده. فلو أن مشركًا أعجميًا، لا يحسن العربية، كتب له بحروف لغته: لا إله إلا الله، وقالها وهو لا يعرف معناها، لم تغن عنه شيئًا، ولم تنجه من النار.
هذه الكلمة العظيمة ذات معنى، ولها أثر، فإذا قال لا إله إلا الله، حقًا وصدقًا، حصلت له العصمة، فإن أتى بما يناقضها، تبين بطلان دعواه. فنحن نقبل ممن قال لا إله إلا الله، ولم يكن النبي ﷺ يشترط على أحد أتاه مسلمًا إلا أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فإن عمل ما يناقض هاتين الشهادتين، علم أنه نقض شهادته فلم تنفعه لا إله إلا الله.
واحتج المؤلف بعدة أمثلة:
المثال الأول: مقاتلة النبي ﷺ لليهود، مع أن اليهود كانوا يقولون:
(١) أخرجه البخاري رقم (٦٨٧٢)، ومسلم رقم (٩٦). (٢) أخرجه البخاري رقم (٢٥)، ومسلم رقم (٢٠).