للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(فبعث الله تعالى إليهم محمداً ، يجدد لهم دينهم، دين أبيهم إبراهيم، ويخبرهم أن هذا التقرب، والاعتقاد، محض حق الله -تعالى- لا يصلح منه شيء لغيره؛ لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، فضلاً عن غيرهما): سبب بعثة محمد : تجديد ملة إبراهيم ، قال الله ﷿: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٣]، ولهذا كان إذا دعا بعض العرب يغريه بذلك؛ لما جاءه التنوخي رسولاً من لدن هرقل، عرض عليه الإسلام، مع أنه رسول، وهذا يدل على أن الرسل يعرض عليهم الإسلام، لا يقال هو رسول لا نبادؤه بالدعوة، بل من حقه أن يدعى إلى الإسلام، فقال له النبي : (يَا أَخَا تَنُوخٍ، هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ؟ " قُلْتُ: لَا، إِنِّي أَقْبَلْتُ مِنْ قِبَلِ قَوْمٍ وَأَنَا فِيهِمْ عَلَى دِينٍ، وَلَسْتُ مُسْتَبْدِلًا بِدِينِهِمْ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْهِمْ) (١)، ثم أنه أسلم بعد ذلك.

فجدد دين إبراهيم ، وهو الحنيفية، وبينّ لقومه أن هذا التقرب الذي يبذلونه لهؤلاء الوسطاء، من الملائكة، والمسيح، وأمه، والصالحين، حق خالص لله، وأن ذلك التقرب لا يجوز صرفه لكائن من كان، ولو كان ملكًا مقربًا، أو نبيًا مرسلاً، ا بل هو محض حق الله، وأنه لا يجوز دعاء غير الله.


(١) أخرجه أحمد رقم (١٦٦٩٤).

<<  <   >  >>