للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يقبل منه إيمانًا. ولما قالت ل ثقيف، حينما دعاهم للإسلام، سألوه، مع ترك الطاغية، أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم، فقال : أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه. فقالوا: يا محمد فسنؤتيكها وإن كانت دناءة. (١)

فتبين أن شبهتهم ساقطة، وأنهم إذا أقروا بكل شيء، وأنكروا التوحيد، لم يغن عنهم عملهم شيئًا. وإذا كان الله قد قال لنبيه : ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: ٦٥]، فكيف بمن دونه؟ فالشرك محبط لجميع الأعمال.

فلا يغني عن الإنسان أن يؤمن ببعض الكتاب، ويكفر ببعض. قال الله ﷿: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ [البقرة: ٨٥].

وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النساء: ١٥٠، ١٥١]، وذم الله المشركين بقوله: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ [الحجر: ٩١]، أي اقسامًا، وأجزاءًا، مفرقًا، يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض.

وقوله: (وهذه هي التي ذكرها بعض أهل الأحساء في كتابه الذي أرسله إلينا): كان المؤلف يناظر، ويراسل، ويرد على مخالفيه،


(١) سيرة ابن هشام (٥/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>