به راحة، فرممت في عهده المدارس كالمستنصرية والنظامية، بل إنه كان يحضر بعض الدروس فيها، وأعيد بناء مئذنة جامع الخليفة، وأمر ببناء الربط، وأعيدت عمارة مسناة جامع قمرية بالجانب الغربي، وأكملت عمارة الشيخ معروف الكرخي، وغير ذلك.
وقد بقيت بغداد خاضعة لحكم المغول الإلخانيين لغاية عام (٧٣٧ هـ).
وفي ظل ما وقع لبغداد من مآس وفتن، انعكس ذلك على الحالة العلمية لبغداد، فبعد أن كانت حاضرة العلم والمعرفة، وقبلة المحدثين والفقهاء والعلماء؛ نالها ما نالها من الخراب والدمار والقتل والتهجير.
إلا أنها سرعان ما نهضت من كبوتها، ونفضت غبار الفتنة التي غشيتها، فعمرت المساجد والمدارس، وعاد النشاط العلمي إلى كثير من صروحها العلمية. بل عاد كثير من علمائها إلى مزاولة التدريس في دور القرآن والحديث.
ولعل الناظر في حال شيوخ كتابنا هذه يتلمس هذا الواقع الطيب، فقد عاشوا - كلهم أو جلهم - هذه الحقبة من تاريخ بغداد والعراق، وكان منهم الفقيه والمحدث والأديب، وغير ذلك، مما جعل إماما كالحافظ أبي العلاء البخاري الفرضي يرحل إلى بغداد، ويسمع من علمائها، ويذكرهم في «مشيخته»، التي صنع منها الإمام أبو حيان الأندلسي هذا المنتخب، وما ذاك إلا لما تتمتع به هذه المدينة المعطاء من مزية يخصها العلماء بالذكر والتصنيف والتأليف.