للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في موضع آخر: «قواعد الشريعة مقررة أن السر فيما لم يفترض من أعمال البر أعظم أجرا من الجهر». قال الحسن: «أدركنا أقواما ما كان على الأرض عمل يقدرون أن يكون سرا فيكون جهرا أبدا، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت إن هو إلا الهمس بينهم وبين ربهم. انتهى. ولو عاش الحسن إلى هذا الزمان العجيب الذي ظهر فيه ناس يتسمون بالمشايخ يلبسون ثياب شهرة عند العامة بالصلاح، ويتركون الاكتساب، ويرتبون لهم أذكارا لم ترد في الشريعة يجهرون بها في المساجد ويجمعون لهم خداما يجلبون الناس إليهم لاستخدامهم ونتش أموالهم ويذيعون عنهم كرامات ويرون لهم منامات يدونونها في أسفار، ويحضون على ترك العلم والاشتغال بالسنة، ويرون الوصول إلى الله بأمور يقررونها من خلوات وأذكار لم يأت بها كتاب منزل ولا نبي مرسل، ويتعاظمون على الناس بالانفراد على سجادة، ونصب أيديهم للتقبيل، وقلة الكلام، وإطراق الرؤوس، وتعيين خادم يقول: الشيخ مشغول في الخلوة … رسم الشيخ … قال الشيخ … رأى الشيخ … الشيخ نظر إليك … الشيخ كان البارحة يذكرك … إلى نحو من هذه الألفاظ التي يخشون بها على العامة، ويجلبون بها عقول الجهلة، هذا إن سلم الشيخ وخادمه من الاعتقاد الذي غلب الآن على متصوفة هذا الزمان من القول بالحلول أو القول بالوحدة، فإذ ذاك يكون منسلحا عن شريعة الإسلام بالكلية.

<<  <   >  >>