مسلم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرَّ بشاةٍ ميتة فقال:"هَلَّا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به" الحديث (١)، فإنَّ ذِكْر إهاب الشاة لا يدلُّ على تخصيص ذلك بجلد الشاة الميتة فقط بل يعم جلود الميتة لعموم:"أيما إهابٍ دُبغ فقد طَهُر".
المسألة الرابعة: مذهب الراوي لا يُخَصِّص مَرْوِيَّه لأن العبرة بمَرْوِيِّه لا بمذهبه؛ لجواز أن يكون قوله عن اجتهادٍ. وقيل: يخصِّصه لأنه لا يخالف مرويَّه إلَّا عن دليل. وقيل: يفرَّق بين الصحابي وغيره فيُقْبل من الصحابي دون غيره، لأنه إذا خالف مرويَّه دلَّ ذلك على أنه اطلع منه -صلى اللَّه عليه وسلم- على قرينة تدل على تخصيص ذلك العام، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد به الخصوص، والتابعيُّ لا يتأتَّى له ذلك لعدم اجتماعه به -صلى اللَّه عليه وسلم-. وما راءٍ كمن سَمِعا.
ومثاله: حديث البخاري (٢) من رواية ابن عباس: "من بَدَّل دينَه فاقتلوه". وهو شامل للمرأة إذا ارتدت، مع ما يُرْوى عن ابن عباس من أنه يقول بعدم قتل المرتدة، إلَّا أنه لم يصح عنه، ولكن سيأتي للمؤلف (٣):
والشأن لا يُعْتَرض المثالُ ... إذ قد كَفَى الفرضُ والاحتمالُ