صاحبه" (١) فبيَّن -صلى اللَّه عليه وسلم- أن عزمه المُصمِّمَ على قتل صاحبه فِعْل قبيح دخل بسببه النار، واحْتُرِز بالعزم المصمم عن الهَمِّ فلا يؤاخذ به لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من همَّ بسيئةٍ فلم يعملها كُتِبَت له حسنة كاملة. . . " (٢)، وقوله تعالى:{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}[آل عمران/ ١٢٢].
وأما الترك فالدليل على أنَّه فعلٌ قوله تعالى:{لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[المائدة/ ٦٣] فسمَّى تركهم للأمْرِ بالمعروف والنهي عن المنكر صنعًا، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده" (٣) فسمَّى كفَّ الأذى إسلامًا، فدلَّ على أن الكفَّ فعلٌ. ويدُلُّ لأن الترك عَمَل قولُ الراجز:
لئن قعدنا والنبيُّ يعملُ ... لَذاكَ مِنَّا العمل المضلَّلُ (٤)
وكون الترك فعلًا هو مراد المؤلف بقوله:
١٠٧ - فكفُّنا بالنَّهي مطلوبُ النَّبي ... والتَّركُ (٥) فعلٌ في صحيح المذهب
(١) أخرجه البخاري رقم (٣١)، ومسلم رقم (٢٨٨٨) من حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه-. (٢) أخرجه البخاري رقم (٦٤٩١)، ومسلم رقم (١٣١) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-. (٣) أخرجه البخاري رقم (١٠)، ومسلم رقم (٤٠) من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما-. وأخرجاه أيضا من حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه-. (٤) ذكر الحافظ في "فتح الباري": (٧/ ٢٩١) أن الزبير بن بكار أخرجه. ولعله في "الموفقيات" ولم أجده في المطبوع منه. (٥) في المطبوعات: والكف.