قوله تعالى: يَرْضَهُ لَكُمْ «١». يقرأ بضم الهاء وإثبات واو بعدها. وباختلاس الضمة من غير واو، والهاء بالإسكان. فالحجة لمن أشبع، الهاء ولفظ الواو: أنه لما ذهبت الألف من يرضى علامة للجزم، أتت الهاء وقبلها فتحة فردّ حركتها إلى ما كان لها في الأصل، وأتبعها الواو تبيينا للحركة، وشاهد ذلك قول ذي الرمة:
كأنّه كوكب في إثر عفرية ... مسوّم في سواد الليل منقضب
«٢» والحجة لمن اختلس: أن الأصل عنده: (يرضاه لكم) فلما حذفت الألف للجزم بقيت الهاء على الحركة التي كانت عليها قبل حذف الألف وأنشد:
له زجل كأنّه صوت حاد ... إذا طلب الوسيقة أو زمير
«٣» والحجة لمن أسكن: أنه لما اتصلت الهاء بالفعل اتصالا لا يمكن انفصالها منه توهّم أنها آخر الفعل، فأسكنها تخفيفا، ليدل بذلك على الجزم. فأما الهاء في قوله:(يرضه لكم، فكناية عن الشكر لقوله: أوّلا (وإن تشكروا) فالشكر من العبد: رضاه بما قسم الله له، والثناء عليه بما أولاه، والشكر من الله تعالى: الزيادة في النعم، وجزيل الثواب.
أنه ردّه على قوله: تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا «٥» فكأنه قال: أهذا خير أمن هو قانت؟ أي:
(١) الزّمر: ٧. (٢) في إثر عفرية: أي شيطان، مسوّم: معلم. وتقدير البيت: كأن الثور كوكب مسوم، منقضب في إثر عفرية في سواد الليل. انظر: (ديوان ذي الرمة: ٢٧). (٣) الزّجل: صوت فيه حنين وترنّم. الحادي: سائق الإبل. الوسيقة: أنثاه التي يضمها ويجمعها، وهي من قولهم: وسقت الشيء: أي جمعته. والبيت منسوب إلى الشمّاخ. والمعنى: أن الحمار الوحشي الذي يصفه يشبه صوته بأتانه إذا صوّت بها صوت حادي الإبل أو صوت مزمار. انظر: الدّرر اللوامع ١: ٣٤، الموشح: ١٤٦، ديوان الشماخ: ٣٦، الخصائص لابن جني ١: ١٢٧، الكتاب ١: ١١. (٤) الزّمر: ٩. (٥) الزّمر: ٨.