واختلف في قوله تعالى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، هل هو من قول الكافرين أو خبرٌ من اللَّه تعالى؟ ولا خلاف أن قوله تعالى: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ من قول اللَّه تعالى، والفسْقُ: الخروجُ عن الشيء، يقال: فَسَقَتِ الفَأْرَةُ، إِذا خرجَتْ من جحرها، والرُّطَبَةُ، إِذا خرجَتْ من قِشْرها، والفِسْقُ في عرف استعمال الشرْعِ: الخروجُ من طاعة اللَّه عزَّ وجلَّ بكُفْر أو عصيان.
قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ: النَّقْضُ: ردُّ ما أبرم على أوله غير مبرمٍ، والعهدُ: في هذه الآية: التقدُّم في الشيء، والوَصَاةُ به، وظاهرٌ مما قبل وبعد أنه في جميع الكُفَّار.
ع «١» : وكل عهد جائزٌ بيْنَ المسلمين، فنقضه لا يحلُّ بهذه الآية، والخاسر الذي نَقَصَ نفسه حظَّها من الفلاحِ والفوزِ، والخسرانُ النقْصُ، كان في ميزانٍ أو غيره.
قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ: هو تقريرٌ وتوبيخٌ، أي: كيف تَكْفُرون، ونعمه عليكم وقدرته هذه، والواو في قوله: وَكُنْتُمْ واو الحال.
واختلف في قوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً ... الآية.
فقال ابن عبَّاس، وابن مسعود، ومجاهد: المعنى: كنتم أمواتاً معدومِينَ قبل أن تخلقوا دارسين كما يقال للشيء الدَّارِسِ: ميِّت، ثم خلقكم وأخرجكم إِلى الدنيا، فأحياكم، ثم يميتكم/ الموتَ المعهُودَ، ثم يحييكم للبعث يوم القيامة «٢» ، وهذا التأويل هو ١٣ ب أولى ما قيل لأنه هو الذي لا محيد للكفار عن الإِقرار به، والضميرُ في «إِلَيْهِ» عائد على اللَّه تعالى، أي: إلى ثوابه أو عقابه، وخَلَقَ: معناه: اخترع، وأوجد بعد العدم، ولَكُمْ: معناه: لِلاِعتبار ويَدُلُّ عليه ما قبله وما بعده من نَصْب العِبَرِ: الإِحياء والإِماتة والاستواء إلى السماء وتسويتِها.
وقوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ: «ثُمَّ» هنا: لترتيب الأخبار، لا لترتيب الأمر