قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له"(١) .
وقد اعترض الأحناف على الحديث باعتراضات عدة:
١- أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة (٢) ، وهذا الذي ذكروه من ضعف الحديث قاله جماعة من الحفاظ، فضعفوا رفعه إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورجحوا أن الحديث موقوف.
قال البخاري: هو خطأ، وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف.
وقال الترمذي: الموقوف أصح.
وقال النسائي: الصواب عندي أنّه موقوف ولم يصح رفعه.
وجوابنا على ذلك من وجهين:
أ- أن جماعة من الحفاظ حكموا بصحته مرفوعاً، منهم ابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم (٣) في "الأربعين": صحيح على شرط الشيخين، وقال في "المستدرك": صحيح على شرط البخاري.
وقال البيهقي رواته ثقات إلا أنه روي موقوفاً (٤) .
والسبب الذي من أجله ضعفه من ضعّفه لا يعتبر سبباً قوياً لتضعيف الحديث، فكونه روي موقوفاً، وروي مرفوعاً، ليس سبباً موجباً لتضعيفه، خاصة وأن الذي رفعه
= بـ (١٨) سنة، وتوفيت سنة (٤٥ هـ) . راجع: "تهذيب التهذيب" (١٢/٤١٠) ، "خلاصة تهذيب الكمال" (٣/٣٧٨) ، "الكاشف" (٣/٤٦٨) . (١) "سنن النسائي" (٤/١٩٦) . (٢) "فتح القدير" لابن الهمام (٢/٤٦) . (٣) هو محمد بن عبد الله بن حمدويه الضبي النيسابوري من أكابر حفاظ الحديث، أخذ عن نحو ألفي شيخ، صنف كتباً كثيرة منها: "تاريخ نيسابور"، "المستدرك على الصحيحين"، وتوفي سنة (٤٠٥ هـ) . راجع: "تذكرة الحفاظ" (٣/١٠٣٩) ، "شذرات الذهب" (٣/١٧٦) ، "طبقات الحفاظ" (ص ٤٠٩) . (٤) انظر تحقيق ابن حجر للحديث في "تلخيص الحبير" (٢/١٨٨) ، فمنه نقلنا، والحديث رواه غير النسائي: أبو داود والترمذى وابن ماجه، أقول: وقد وهم ابن رشد إذ عزاه في "بداية المجتهد" (١/٣٠١) إلى البخاري.