ووجه الدَّلالة مِن الآيتين: أنَّ تخصيصَ وقوعِ التَّكليم من عيسى عليه السلام بِحالَيْ المَهْدِ والكهولة؛ مع كونِه مُتكلِّمًا فيما بين ذلك: دَلالةٌ ظاهرةٌ على أن لِتيْنِكَ الحالَين مَزيد اختصاصٍ ومَزيَّةٍ، فَارقَا بهما جميعَ كلامِه الحاصل بين تَيْنِكَ الحالين.
توضيح ذلك: أَنَّ الكلام في المَهْدِ خارقٌ للعادة، خارجٌ عن السُّنَن، وهذا بَيِّنٌ؛ فكذلك ينبغي لقوله تعالى:{وَكَهْلاً}، فهو عَطف على مُتعلَّق الظَّرف قبله، آخِذٌ حكمَه؛ أي: يُكلِّم النَّاس في حال المَهد، ويُكلِّمهم في حال الكهولة، فـ «إذا كان كلامه في حالة الطُّفولة عقبَ الولادة مباشرةً آية؛ فلا بُدَّ أنَّ المعطوف عليه -وهو كلامه في حال الكهولة- كذلك؛ وإلَّا لم يُحْتَجْ إلى التَّنصيصِ عليه؛ لأنَّ الكلام مِن الكَهل أَمرٌ مَألوف مُعتاد، فلا يحسُن الإخبار به؛ لا سيما في مَقام البِشارة»(٦).
(١) انظر أقوالهم في «تفسير القرآن العظيم» (٧/ ٢٣٣). (٢) انظر «أنوار التنزيل» (٥/ ٩٤). (٣) انظر «تفسير القرآن العظيم» (٧/ ٢٣٦) (٤) انظر «أضواء البيان» (٧/ ٢٨٠). (٥) انظر «التفسير الوسيط» (٩/ ٨٢٤). (٦) «فصل المقال» للشيخ محمد خليل هرَّاس (ص/٢٠).