قال محمد بْن حَبِيبٍ: وقد سُئِلَ عَنْ الرجل لا يُكَلِّمُ الرجلَ: أَيُجزِّئُهُ السَّلامَ مِنْ الصَّرْم، فقال: أَتَخَوَّفُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُما يَصُدُّ أَحَدُهُما عَنْ صاحِبِهِ، وقد كانا مُتآنِسَيْنِ يَلْقَى أَحَدُهُما صاحِبَهُ بِالْبِشْرِ، إلّا أَنْ يَتَخَوَّفَ مِنْهُ نِفاقًا.
قال الأَثْرَمُ: سمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنِ السَّلامِ يَقْطَعُ الهِجْرانَ؟
فقال: قَدْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَدَّ عَنْهُ، ثُمَّ قال أبو عبد اللَّه: النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ:"يَلْتَقِيانِ فَيَصُدُّ هذب وَيَصُدُّ هذا"(١) فَإِدْا كانَ قَدْ عَوَّدَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ، وَأَنْ يُصافِحَهُ، ثُمَّ قال: إلّا أَنَّهُ ما كانَ مِنْ هِجْرانٍ فِي شَيءٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ الكُفْرُ فَهُوَ جائِزٌ. ثُمَّ قال أبو عبد اللَّه: النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فِي قِصةِ كَعْبِ ابْنِ مالِكٍ حِين خافَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْرِ ما يَقُولُ فِيهِمْ: "لا تُكَلِّمُوهُمْ"(٢)
قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: عُمَرُ قال فِي صبِيغٍ: لا تُجالِسُوهُ (٣).
قال: المُجالَسَةُ الآنَ غَيْرُ الكَلامِ.
"الآداب الشرعية" ١/ ٢٧٣
(١) رواه الإمام أحمد ٥/ ٤١٦، والبخاري (٦٠٧٧)، ومسلم (٢٥٦٠)، من حديث أبي أيوب الأنصاري. (٢) رواه الإمام أحمد ٣/ ٤٥٦ - ٤٥٩، والبخاري (٤٤١٨)، ومسلم (٢٧٦٩) مطولًا. (٣) رواه عبد الرزاق ١١/ ٤٢٦ (٢٠٩٠٦) مختصرًا، والدارمي ١/ ٢٥٤ (١٥٠)، ورواه البزار ١/ ٤٢٣ - ٤٢٤ (٢٩٩) مطولًا، وفيه حديث مرفوع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تفسير سورة الذاريات. وذكر ابن كثير في "تفسيره" ١٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨ طريق البزار وقال: هذا ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر -رضي اللَّه عنه-. اهـ. وقال أيضًا الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١١٣: رواه البزار وفيه أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك.