هَادُوا} فيها أن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولئك النصارى، وما رأى من أعمالهم، قال:" لم يموتوا على الإسلام " قال سلمان: فأظلمت علي الأرض، وذكرت اجتهادهم، فنزلت هذه الآية، فدعا سلمان فقال:" نزلت هذه الآية في أصحابك " ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من مات على دين عيسى ومات على الإسلام قبل أن يسمع بي فهو على خير، ومن سمع بي اليوم ولم يؤمن بي فقد هلك "(١).
قال الطبري:" والذي قلنا من التأويل أشبه بظاهر التنزيل؛ لأن الله جل ثناؤه لم يخصص بالأجر على العمل الصالح مع الإيمان بعض خلقه دون بعض منهم، والخبر بقوله:{مَنْ آمَنَ} عن جميع ما ذكر في أول الآية "(٢).
وقال الراغب الأصفهاني كلاما جميلا في هذه الآية مقتضاه ما ذهب إليه الطبري، وقسّم الإيمان إلى قسمين أحدهما الإقرار بالشهادتين, والثاني تحري اليقين ,وأن قوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} عني به المتدين بدين محمد أي على الحنيفية، وقوله:{مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} عني به المتحري للاعتقاد اليقيني إلى أن قال: وقول ابن عباس: إن هذا منسوخ بقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} يعنون أن هذه الأديان كلها منسوخة بدين الإسلام، وأن الله
(١) أخرجها الطبري في تفسيره، ج ١، ص ٣٧٢. (٢) جامع البيان / الطبري، ج ١، ص ٣٧٣.