حجة أصحاب القول الأول وهم القائلون بأن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا .. }:
استدلوا على ذلك بما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن هذه الآية نزلت في أول الإسلام، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}(١).
قال ابن عاشور:" وأما القائلون بأنها منسوخة، فأحسب أن تأويلها عندهم أن الله أمهلهم في أول تلقي دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن ينظروا فلما عَاندُوا نسخها بقوله:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} لئلا يفضي قولهم إلى دعوى نسخ الخبر"(٢).
ويرتبون على ذلك أن الإسلام مقصور على شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أي: إن أي إيمان بالله لا يؤجر وأي عمل صالح لا يثاب إلا إذا كان فاعله من المؤمنين بدعوة النبي الكريم وبرسالته.
حجة أصحاب القول الثاني وهم القائلون بأن الآية غير منسوخة:
استدلوا على ذلك بما رواه مجاهد في قوله: : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ
(١) أخرج رواية ابن عباس الطبري في تفسيره، ج ١، ص ٣٧٢، وإسناده منقطع عن ابن عباس؛ لأن في إسناده علي بن أبي طلحة يرويه عن ابن عباس وعلي بن طلحة لم يلق ابن عباس ولم يسمع منه التفسير. قال ابن حجر: " روى عن ابن عباس ولم يسمع منه " (انظر تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني، ج ٧، ص ٢٩٩). (٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٣٩.