بَابٌ أَدَبُ القَاضِي (١)
وَهُوَ أَخلَاقُهُ الَّتِي يَنْبَغِي التَّخَلُّقُ بِهَا وَالْخُلُقُ صُورَتُهُ الْبَاطِنَةُ، يُسَنُّ كَوْنُهُ قَويًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ حَلِيمًا مُتَأَنِّيًا مُتَفَطِّنًا عَفِيفًا وَرِعًا نَزِهًا بَعِيدًا مِنَ الطَّمَعِ صَدُوقَ اللَّهْجَةِ بَصيرٌ بِأَحْكَام الحُكَّامِ قَبْلَهُ يَخَافُ اللهَ ويراقِبَهُ لَا يُؤْتَى مِنْ غَفْلَةٍ، وَلَا يُخْدَعُ لِغُرَّةٍ (٢) صَحِيحَ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ عَالِمًا بِلُغَاتِ أَهْلِ ولَايَتِهِ لَا يَهْزِلُ، ذَا رَأيِ وَمَشُورَةِ لِكَلَامِهِ لِينٌ إذَا قَرُبَ، وَهَيبَةٌ إذَا أَوْعَدَ، وَوَفَاءٌ إذَا وَعَدَ لَا جَبَّارًا وَلَا عَسُوفًا وَسُنَّ سُؤَالُهُ إنْ وُلِّيَ فِي غَيرِ بَلَدِهِ عَنْ عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ وَإعْلَامُهُمْ بِيَوْمِ دُخُولِهِ (٣) لِيَتَلَقَّوْهُ مِنْ غَيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَلَقِّيهِ وَدُخُولُهُ يَوْمَ اثْنَينِ أَوْ خَمِيسٍ أَوْ سَبْتٍ ضحْوَةً لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَلَا يَتَطَيَّرُ وإِنْ تَفَاءَلَ فَحَسَنٌ فَيَأْتِي الْجَامِعَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَينِ (٤) وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلًا وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيَقْرَأ عَلَى النَّاسِ وَبِمَنْ يُنَادِيهِمْ بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ وَيُقِلُّ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لِحَاجَةِ ثُمَّ يَمْضِي إلَى مَنْزِلِهِ الَّذِي أُعِدَّ لَهُ وَيُنْفِذُ فَيَتَسَلَّمُ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ قَبْلَهُ وَيَأْمُرُ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ مَا تَسَلَّمَهُ بِمَحْضرِ عَدْلَينِ ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيرَ غَضْبَانَ وَلَا جَوْعَانَ وَلَا حَاقِنٍ وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَلَوْ صَبِيًّا ثُمَّ عَلَى مَنْ بِمَجْلِسِهِ
(١) في (ب): "باب أدب القضاء".(٢) في (ج): "من غرة".(٣) قوله: "بيوم" سقطت من (ب).(٤) في (ج): "فيه ركعتين".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute