سَبيلِ التَّوَثُقِ، وحِفْظِ الأَمْوَالِ، كَمَا أَمَرَ بالإشْهَادِ عِنْدَ البَيْع والسَّلَفِ لِتحْفَظَ بِذَلِكَ أَمْوَالُ البَاعَةِ، وأَرْبَابُ السَّلَفِ، ولِيَحْفِظ الذي عَلَيْهِ المَالُ دَيْنَهُ، لأَنَّهُ إذا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ: بيِّنَةٌ بالحَقِّ، أَو لَهُ رَهْنٌ بهِ لَمْ يُجْحَدْ مَا عَلَيْهِ مِنَ المَالِ.
إنَّمَا صَارَتْ مُصِيبَةُ الرَّهْنِ إذا ظَهَرَ هَلاَكُهُ مِنَ الرَّاهِنِ مِنْ أَجْلِ أَنْ المُرْتَهِنَ لَمْ يَقْبضْهُ عِوَضًا مِنَ الثمَنِ الذي رَهَنَ بِهِ، وإنَّمَا قَبَضَهُ على سَبيلِ التَّوَثّقِ مِنْ حَقِّه الذَي على الرَّاهِنِ، وأما إذا لَمْ يَظْهَرْ هَلاَكُهُ إلَّا بِقَوْلهِ فالَضَّمَانُ حِينَئِذٍ على المُرْتَهِنِ، لأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ، وإذا لَمْ يَقْبِضْهُ على وَجْهِ الأَمَانَةِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانهُ. إنَّماُ بُدِّئ المُرْتَهِنُ عِنْد اخْتِلاَفِهِ مَعَ الرَّاهنُ في صِفَةِ الرَّهْنِ مِنْ (١) أَجْلِ قُرْبِ عَقْدِهِ بالرَّهْنِ، وصَارَ الرَّهْنُ إذا حَضَرَ شَاهِدًا للمُرْتَهِنِ بِمَا يُقَابِلُ الرَّهْنَ مِنَ الثمَنِ، فَلِذَلِكَ يَسْتَحِق مِنْ دَعْوَاهُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ مَعَ يَمِينهِ، ومَا زَادَ على ذَلِكَ فَهُوَ مُدَّع فِيهِ، فَلِذَلِكَ لا يُصَدَّقُ في دَعْوَاهُ، ويَحْلِفُ الرَّاهن حِينَئِذٍ على تِلْكَ الزِّيَادَةِ التي يَدَّعِيهَا المُرْتَهِنُ على قِيمَةِ الرَّهْنِ، لأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ، وكُلّ مُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ اليَمِينُ فِيمَا أدُّعِي بهِ عَلَيْهِ، ولَهُ صَرْفُهَا على المُدَّعِي، فإنْ لَمْ يَحْلِفْهَا بَطُلَ مَا يَدَّعِيهِ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ (٢): مَسْأَلةُ اخْتِلاَفِ الرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ في صِفَةِ الرَّهْنِ، ومَا
رَهَنَ بِهِ مُفَسَّرَةٌ في المُوَطَّأ، فَلِذَلِكَ لَمْ أَذْكُرْهَا هَهُنَا [٢٧١١].
قَوْلُهُ فِي مُكْتَرِي الدَّابَّةِ يَتَعَدَّى بِهَا حِينَ يَبْلُغُ بِهَا البَلْدَ الذي تَكَارَى إليهِ أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ الكِرَاءِ [٢٧١٥]، إنَّمَا يَلْزَمُة نِصْفُ الكِرَاءِ إذا كَانَ سُوْمُ السَّيْرِ والإنصِرَافِ وَاحِدًا، وأَمَّا إذا اخْتَلَفَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةُ مَا رَكِبَ، يُقْصَرُ حِينَئِذٍ جَمِيع الكِرَاءِ على السَّيْرِ والإنْصِرَافِ، فَمَا وَقَعَ للسَّيْرِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ على الرَّاكِبِ مَعَ ضَمَانِهِ لِقِيمَةِ الدَّابَّةِ، [وإن] (٣) اخْتَارَ ذَلِكَ صَاحِبُهَا، وإنَّمَا يَضْمَنُهَا مُكتَرِيهَا
(١) من هنا تبدأ قطعة نسخة القيروان في هذا الموضع.(٢) في (ق): ع.(٣) في (ق): إن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute