وقالَ غَيْرُهُم مِنْ أَهْلِ الأَمْصَارِ: يُصَامُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ، واحْتَجّوا في ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمةَ، عَنِ ابن عبَّاسٍ قالَ:"جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: إني رَأَيْتُ الهِلاَلَ، فقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَتَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: قُمْ يا بِلاَلُ فَأَذِّنْ في النَّاسِ أنْ يَصُومُوا غَدَاً"(١)، هذَا حَدِيثٌ ليسَ هُو مِنْ أَحَادِيثِ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَهُو حَدِيثٌ يُتَوجَّهُ على وُجُوهٍ، جَائِزٌ أَنْ يَنْزِلَ الوَحِيُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذَلِكَ الوَقْتِ بِصَحَّةِ قَوْلِ الأَعْرَابِيِّ، وجَائِز أَنْ يَكُونَ قَدْ شَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ عندَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيِّ، فَتَمَّتِ الشَّهَادَةُ عندَهُ بِشَهَادةِ ذَلِكَ الأَعْرَابِيِّ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالصِّيامِ.
(١) رواه أبو داود (٢٣٤٠)، والترمذي (٦٩١)، والنسائي ٤/ ١٣٢، بإسنادهم إلى سماك به، وقال الترمذي: حديث ابن عباس فيه اختلاف، وأكثر أصحاب سماك يروونه عنه عن عكرمة مرسلا. (٢) رواه الدارقطني (٢١٩٦) من حديث أبي معاوية عن الأعمش به. (٣) رواه عبد الرزاق ٤/ ١٩٧ عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال: فذكره، وهو منقطع.