يُسْتَبَح التَّيَمُّمُ في ذلك المَكَانِ عندَ عَدَمِهِم المَاءَ لأنَّهُم كَانُوا أهلَ حَضَير، ولم يَتَوضَّاُ مِنْ بِئْرٍ بُضَاعَةَ (١)، وكَانَ لا يَقْرَبُهُ مِنْ أَجْلِ نَجَاسَتِهِ، وهذا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ أَبَاحَ الوُضُوءَ بمَاءِ بِئْرِ بُضَاعَةَ، واحْتَجَّ بأن المَاءَ إذا كَانَ قُلَّتيْنِ لم يُنْجِسْهُ ما طُرِحَ فيه مِنَ النَّجَاسةِ، وكانَت النَجَاسَةُ تُطْرَحُ في بِئْرِ بُضَاعَةِ.
ونَبع المَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِه مِنْ عَلَامةِ نُبُوَّته، وشَاهَدَ هذِه القِصَّةَ جَمَاعةٌ مِنَ الصحَابةِ، وقالَ غَيْرُه: إنما انْفَرَد أنسٌ بِروَايَتِها لِطُولِ بَقَائِه بعدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولِطَلَبِ العُلوِّ في سَنَدِ الحَدِيثِ.
(١) بُضاعة -بضم الأَوَّل وقد يكسر- وهي بئر كان معروفا إلى عهد قريب بالقرب من سقيفة بني ساعدة في المدينة، وقد دخل في التوسعة الجديدة للمسجد النبوي، ينظر: المعالم الأثيرة ص ٤٩. (٢) في الأصل: بعيد، وهو خطأ. (٣) هو عبد الملك بن حبيب السُلمي الأندلسي الإِمام المحدث الفقيه، صاحب المصنفات، =